الصحة مقابل حرية الحركة: المفوضية الأوروبية تتبنى نهجًا لمواجهة الكورونا
نشر بتاريخ: 05 سبتمبر 2020

في الرابع من سبتمبر، أعلنت المفوضية الأوروبية عن تبنيها مقترحًا يتضمن التنسيق لتطبيق إجراءات تقييد حرية الحركة وذلك في مواجهة تفشي فيروس كورونا. وإدراكًا منها لوجود ملايين الأوروبيين الذين يعتمدون على سهولة التنقل بسلاسة في جميع أنحاء القارة، فإن هذا المقترح يسعى إلى تحقيق توازن بين رغبة العديد من دول الاتحاد الأوروبي في فرض قيود السفر المتعلقة بانتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وبين الالتزام المشترك للدول الأوروبية بالمبدأ الأساسي للمفوضية الأوروبية والذي يتعلق بحرية الحركة. مع الأخذ في الاعتبار التدابير التقييدية التي اتخذتها بالفعل الدول الأعضاء للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، فإن هذا المقترح يستبق المزيد من تلك المحاولات وسط استمرار تفشي الوباء. ولذلك فإن المقترح الذي اعتمدته المفوضية الأوروبية يعترف بحق كل دولة من الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة في فرض قيود جديدة على السفر مع التشديد في نفس الوقت على أن تظل هذه القيود مُنسَّقةً وموصوفة بوضوح وأن تبقى في الأساس خاليةً من أيّ شكلٍ من أشكال التمييز.

وفي عرضٍ موجز خلال الجلسة المباشرة، سعى مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون العدالة ديدييه ريندرز إلى توضيح الهدف من وراء المقترح المقدم قائلاً: “دعوني أوضح الأمر.. نحن لا نقترح فرض أية قيود جديدة على المواطنين. نحن نقترح فقط إطارًا تنسيقيًا للعمل في حال رأت إحدى الدول الأعضاء أنه من الضروري فرض أية قيود”.

وسعيًا لرفع مستوى التنسيق والتواصل، فإن المقترح يحدد أربعة جوانب رئيسية: معايير موحدة، ورموزًا ذات ألوان متفق عليها، ونهجًا موحدًا لإجراءات التعامل مع المسافرين القادمين من المناطق عالية الخطورة، وتوفير معلومات بشأن أي قيود يتم فرضها بحيث يسهل على الجمهور الوصول إليها وفهمها في الوقت المناسب.

يهدف الجانب الأول إلى وضع معايير قياسية موحدة يمكن للدول استخدامها كمرجع أثناء ترصد الوباء وعند اتخاذ قرار بشأن فرض قيود جديدة من عدمه. سيأخذ ذلك في الاعتبار مجموعة من العوامل مثل عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وعدد اختبارات فيروس كورونا التي تم إجراؤها، والنسبة المئوية للتحاليل ذات النتيجة الإيجابية في منطقة معينة. وعند جمع تلك المعلومات فيُفضل أن تتم مشاركتها بشكل دوري كل أسبوع عبر الأقاليم والمناطق المختلفة وكذلك مع المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها. وعلى ذلك الأساس يدعو المقترح إلى أن تنظر الدول في أمر فرض القيود فقط على المسافرين القادمين من:

  • المناطق التي بها أكثر من 50 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) ومعدل النتائج الإيجابية لفحوصات الكشف عن الإصابة بالفيروس هو 3%.
  • المناطق التي يوجد بها أكثر من 150 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) من أصل 100,000 نسمة خلال أسبوعين.

أما الجانب الثاني للمقترح فهو يهدف إلى مساعدة الدول الأعضاء على وضع سياسات السفر المتعلقة بوباء كورونا من خلال مشاركة المعلومات حول كيفية انتشار المرض. لذلك يدعو المقترح إلى إنشاء خريطة ملونة مشتركة، تعكس البيانات المرسلة من قبل كل دولة من الدول الأعضاء إلى المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها. على أن يتم نشر الخريطة أسبوعيًا من قبل المركز، ستكون هذه الخريطة سهلة القراءة ومتاحة للجمهور وستعرض معلومات حول معدلات الإصابة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية، مما يساعد المؤسسات والشركات التجارية والمسافرين على اتخاذ قرارات سفر مدروسة بالاستناد إلى تلك المعلومات.

ثالثًا، تقترح المفوضية الأوروبية اعتماد نهج مشترك لإجراءات التعامل مع المسافرين القادمين من أماكن عالية الخطورة. بناءً على الخريطة الملونة، فإن المعايير الموحّدة المقترحة تتوخى التطبيق المتسق والعادل للقواعد داخل الدول الأعضاء وعبرها، مما يقلل من حالة الالتباس لدى المسافرين ويضمن أن تقوم الحكومات بفرض القيود بشكلٍ عادل على جميع المواطنين (وليس بشكلٍ أحادي). في نفس الوقت الذي يرفض فيه المقترح من حيث المبدأ فكرة الحظر التام للمسافرين القادمين من الأماكن عالية الخطورة، فإنه يقدم خارطة طريق محتملة للدول التي تسعى للحد من انتشار فيروس كورونا من خلال إخضاع المسافرين القادمين من بؤر الإصابة بالوباء لقيود معينة بعد الدخول. على سبيل المثال، إذا أراد مواطن من إحدى الدول الأعضاء دخول أراضي إحدى الدول الأخرى الأعضاء وكان قادمًا من منطقة ملونة باللون الأحمر (عالية الخطورة)، فقد يتم إخضاع ذلك الشخص لفترة من الحجر الصحي الإلزامي عقب الدخول. ومع ذلك يشدد المقترح على أن الحجر الصحي الإلزامي يجب أن يُنظر إليه بصفة أساسية على أنه الخيار الأخير، وأن يأتي في المرتبة الثانية بعد طلب إجراء اختبارات الكشف عن فيروس كورونا المستجد، ويجب ألا يُطبق على العاملين في القطاعات الحيوية أو بعض فئات المسافرين على غرار الأطباء والصحفيين والطلاب.

أخيرًا وسعيًا منها لتحقيق الهدف المتمثل في تقديم معلومات واضحة وفي الوقت المناسب للجمهور (سواءً الأفراد أو المؤسسات والشركات التجارية) فإن المفوضية الأوروبية تقترح على الدولة أو الدول الأعضاء التي تتجه إلى فرض أو حتى تخفيف القيود المتعلقة بفيروس كورونا والمفروضة على حرية الحركة (أي تشديد أو رفع قيود السفر) أن تقوم بإبلاغ المفوضية الأوروبية (والدول الأخرى الأعضاء) بالإجراءات المزمع اتخاذها قبل أسبوع على الأقل. سوف تصل المعلومات بعد ذلك إلى الجمهور من خلال المنصات التالية الخاصة بالاتحاد الأوروبي: منصة إعادة فتح الاتحاد الأوروبي وموقع المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها.

وقد لخص ديدييه ريندرز الغرض من المقترح حيث شدد على أن “أي قيود داخلية فيما بين دول الاتحاد الأوروبي ينبغي أن تكون منسقة بصورة جيدة، وألا يتم اللجوء إليها إلا عند الضرورة القصوى، وأن تكون متناسبة وتخلو من أي شكل من أشكال التمييز”. ولا شك أن هذه العبارات قد قوبلت بالترحيب من قبل الدول الأعضاء وكذلك الملايين من مواطنيها الساعين للسفر بحرية وأمان.

  • شارك:

التعليقات (1)

  1. أخبار مشجعة تضمن الحد من انتشار الفيروس وبنفس الوقت تتيح للمواطنين حرية الحركة ضمن آلية تسمح بمراقبة أي علامات قد توحي بارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا


اتصل بنا

  • Check-iconإرشادات بشأن المستندات المطلوبة
  • Check-iconالمساعدة في تعبئة الاستمارة
  • Check-iconمواعيد التقديم
  • Check-iconمعلومات بلغات متعددة
  • Check-iconخدمة خالية من المتاعب
  • Check-iconدعم مباشر على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع